الأحد، 23 ديسمبر 2018

فضل يوم الجمعة





*🍁السوق التي يأتيها أهل الجنة كل جمعة🍁*

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن في الجنة لسوقا . يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسنا وجمالا، فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا، فيقولون: وأنتم، والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا . (رواه مسلم)

شرح :
في هذا الحديث يصف النبي ﷺ بعض نعيم الجنة وصفات أهلها وصفة عيشهم فيها، فيقول :

(إن في الجنة لسوقا) : مُجتمعًا يجتمعون فيه كما يجتمعون للسوق في الدنيا .

(يأتونها كل جمعة) : يحضر أهل الجنة تلك السوق كل أسبوع ، وهو يوم السوق .

(فتهب ريح الشمال) : "فتهب"- بمعنى تأتي ريح الشمال .. وخص ريح الجنة بالشمال، لأنها ريح المطر عند العرب كانت تَهُبُّ من جهة الشام، وبِها يأتي سَحابُ المطر، وكانوا يَرجونَ السحابة الشامية .

(فتحثو في وجوههم وثيابهم) : فتنثر في وجوه وأبدان أهل الجنة المِسكَ والزعفران وما في الجنة من نعيم ... وقوله : "وجوههم" : أي أبدانهم، وخصت الوجوه لشرفها .

(فيزدادون حُسنًا وجمالا) : فكما أن ريح الشمال تأتي أهل الدنيا بما يُسعِدُهم من المطر والماء، فكذلك هذه الريح تأتيهم بما يُسعِدُهم من النعيم والروائح الطيبة .

(فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا) : أكثر مِمَّا كانوا عليه قبل أن يخرجوا من عند أهليهم .

(فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم) : أنتم أيضا، وفيه تغليب؛ لكون الأهل أعم من النساء والولدان، أو أريد به التعظيم والتكريم، أو روعي المشاكلة والمقابلة .

(بعدنا) : بعد مفارقتكم عنا .

(فيقولون: وأنتم، والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا) : وهو إما لإصابتهم من تلك الرياح، أو بسبب انعكاس جمالهم، أو لأجل تأثير حالهم وترقي مآلهم

* (قال حسن أبو الأشبال) : في الجنة سوق كما أن في الدنيا سوقا، وهذا تشبيه للوجود بالوجود، كما أن الدنيا فيها أسواق موجودة فكذلك الجنة فيها سوق موجود، ولا يلزم من ذلك المماثلة والمشابهة من كل وجه.. وسمي سوقا لاجتماع الناس فيه؛ لأنه لا يقال للمكان سوقا إلا إذا اجتمع فيه الناس، لأن الناس يساقون إليه لقضاء حوائجهم ... [إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة] : يأتونها كل جمعة أي: في مقدار كل جمعة يأتونها الناس ويجتمعون فيها، فلا يجتمعون في يوم معين، وكلمة اليوم تطلق على النهار، وكلمة الليل تطلق على الليل، واليوم لا يشبه الليل والنهار وإنما هو مختص بالنهار فحسب، وفي مصنفات أهل العلم ذكروا بعض عناوين للكتب مثل: أذكار اليوم والليلة، وأعمال اليوم والليلة، فاليوم يطلق على النهار، وأنتم تعلمون أن الجنة لا شمس فيها، ولا زمهرير، ولا ليل، ولا نهار، وبالتالي لا يوم فيها، ولا ليل، وحينئذ نقول: يقدر الوقت بأسبوع يجتمع الناس في هذا السوق في الجنة ... [فتهب ريح الشمال] : وريح الشمال هي ريح كانت تأتي من جهة الشام على أهل المدينة محملة بالأمطار، وكان أهل المدينة يحبونها، لأنها تأتي بالخير، وتأتي بالمطر، وينتظرونها في فصولها المؤقتة لها كما تنتظر المرأة وليدها، وهي ريح طيبة، وخيرة، تسمى ريح الشمال، أو الريح الشموأل أو الشمأل أو الشمل، أو ريح دبر القبلة، أو ريح شامية، هكذا يسميها العرب ... [فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم] : وطينة الجنة، وأرض الجنة، وحصباؤها من زعفران ومسك، فهذه الرياح تأتي من شمال الجنة فتأخذها من أرض الجنة على وجوه هؤلاء الناس .. تحمل في طياتها الخير حتى تجعله في وجوههم وثيابهم ... [فيرجعون إلى أهليهم] : أي: نسائهم ... [فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا] : يعني: أول ما خرجتم من هنا ورجعتم مرة أخرى ازددتم حسنا وجمالا ... [فيقولون: وأنتم، والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا] : فيرد الرجال على النساء- فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا . انتهى

* (قال حسن أبو الأشبال) : الجنة فيها سوق، وهذا السوق يعقد في كل أسبوع مرة، وإذا قلنا: في كل أسبوع فلا بد أن يوم الجمعة هو يوم ضمن سبعة أيام، وليس في الجنة ليل ولا نهار، وليس فيها أيام، وليس فيها شمس ولا قمر، إنما الجنة نعيم دائم، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قرب لنا الأمر فقال: [إن في الجنة لسوقا] : أي: يعقد في كل أسبوع مرة، أي: فيما يعدل كل أسبوع من أسابيع الدنيا مرة، هذا اليوم يسمى يوم المزيد، ويعقد فيما يعادل في الدنيا يوم الجمعة، وفيها يطلع الله عز وجل على عباده من أهل الجنة ليروا وجهه الكريم، فإذا رأوا وجه الله تعالى ازدادوا حسنا، ونورا، وبهاء، وجمالا، فيرجعون إلى أزواجهم، فيلحظ أزواجهم ذلك فيهم، فيقولون: والله ما ازددتم بعدنا إلا حسنا، وجمالا، وكمالا، فيقول الأزواج لزوجاتهم: وأنتن والله ما ازددتن بعد أن فارقناكن إلا حسنا وجمالا؛ لأن أهل الجنة جميعا يرون الله عز وجل في هذا اليوم الذي يسمى بيوم المزيد، أي: يزاد في نورهم، وبهائهم، وحسنهم . انتهى